منتدى فرسان الحقيقه
لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 829894
ادارة المنتدي لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 103798
منتدى فرسان الحقيقه
لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 829894
ادارة المنتدي لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص 103798
منتدى فرسان الحقيقه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى فرسان الحقيقه

منتدى فرسان الحقيقه اسلاميات العاب برامج روحانيات مسرحيات اخبار فنون وعلوم تطوير مواقع ومنتديات
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Hot Pink
 Sharp Pointer
اهلا بكم فى منتدى فرسان الحقيقة اسلاميات العاب برامج روحانيات مسرحيات اخبار فنون وعلوم تطوير مواقع ومنتديات وجديد
لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص B19m8_GNaGHz

 

 لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
مدير عام
مدير عام
Admin


الاوسمة : لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Ss6
عدد المساهمات : 2964
نقاط : 58388
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 23/06/2010
لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Egypt10
الموقع : https://sllam.yoo7.com/

لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Empty
مُساهمةموضوع: لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص   لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص I_icon_minitimeالأربعاء 8 يونيو - 3:57

قصة موسى عليه السلام في
سورتي النمل والقصص


أهداف ذكر سورة
موسى عليه السلام


قال لي
أحدهم مرة لو كتبت في قصة موسى في سورتي النمل والقصص، فإن بينهما تشابها كبيرا ولا
يتبين سر الاختلاف في التعبير بينهما من نحو قوله تعالى: "فلما جاءها نودي" و "فلما
أتاها نودي" ، وقوله: "وأدخل يدك في جيبك" و "اسلك يدك في جيبك" وما إلى ذلك.


فأنهدني قوله إلى
أن أكتب في ذلك، وطلبت من الله أن يعينني على ما عزمتُ عليه، وأن يبصرني بمرامي
التعبير في كتابه الحكيم، وأن يفتح عليّ من كنوز علمه الواسع الذي لا يحد فتحا
مباركا، إنه سميع مجيب.


من سورة
النمل


بسم
الله الرحمن الرحيم


وَإِنَّكَ
لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ {6} إِذْ قَالَ مُوسَى
لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم
بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7} فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن
بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ {8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {9}
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً
وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ
{10} إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ
رَّحِيمٌ {11} وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ
فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً
فَاسِقِينَ {12} فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ
مُّبِينٌ {13}‏ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً
وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ
{14}


من سورة
القصص


بسم
الله الرحمن الرحيم


فَلَمَّا
قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا
قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا
بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ *29* فَلَمَّا
أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ
الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ *30* وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا
جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ
إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ *31* اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ
مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ
بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا
فَاسِقِينَ *32* قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ
يَقْتُلُونِ *33*


من
هذين النصين تتبين طائفة من الاختلافات في التعبير أدوّن أظهرها:


النمل


القصص

إني
آنست نارا

آنس من جانب
الطور
نارا

ـــــــ

امكثوا

سآتيكم
منها بخبر

لعلي
آتيكم
منها
بخبر

أو
آتيكم بشهاب قبس

أو
جذوة من النار

فلما
جاءها

فلما أتاها

نودي
أن بورك

نودي من شاطئ
الواد
الأيمن

وسبحان
الله رب العالمين

ـ

يا
موسى

أن
يا
موسى

إنه
أنا الله العزيز الحكيم

إلي أنا الله
رب
العالمين

وألق
عصاك

وأن
ألق
عصاك

يا
موسى لا تخف

يا موسى أقبل
ولا
تخف

إني لا
يخاف لدي المرسلون

إنك
من
الآمنين

إلا من
ظلم

ـــــ

وأدخل
يدك في جيبك

اسلك يدك

في
تسعِ آيات

فذانك برهانان

ـ

واضمم إليك
جناحك ممن
الرّهْب

إلى
فرعون وقومه

إلى
فرعون
وملئه


إن
الذي أوردته من سورة النمل، هو كل ما ورد عن قصة موسى في السورة. وأما ما ذكرته من
سورة القصص فهو جزء يسير من القصة، فقد وردت القصة مفصلة ابتداء من قبل أن يأتي
موسى إلى الدنيا إلى ولادته، وإلقائه في اليم والتقاطه من آل فرعون، وإرضاعه ونشأته
وقتله المصري وهربه من مصر إلى مدين، وزواجه وعودته بعد عشر سنين وإبلاغه بالرسالة
من الله رب العالمين، وتأييده بالآيات، ودعوته فرعون إلى عبادة الله إلى غرق فرعون
في اليم، وذلك من الآية الثانية إلى الآية الثالثة
والأربعين.


فالقصة في سورة
القصص إذن مفصلة مطولة، وفي سورة النمل موجزة مجملة. وهذا الأمر ظاهر في صياغة
القصتين، واختيار التعبير لكل منهما.


هذا
أمر، والأمر الثاني أن المقام في سورة النمل، مقامُ تكريم لموسى أوضح مما هو في
القصص، ذلك أنه في سورة القصص، كان جو القصة مطبوعا بطابع الخوف الذي يسيطر على
موسى عليه السلام، بل إن جو الخوف كان مقترنا بولادة موسى عليه السلام، فقد خافت
أمه فرعونَ عليه، فقد قال تعالى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ
أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا
تَحْزَنِي" القصص: 7، ويستبد بها الخوف أكثر حتى يصفها رب العزة بقوله: "وَأَصْبَحَ
فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا
عَلَى قَلْبِهَا" القصص:10


ثم
ينتقل الخوف إلى موسى عليه السلام، ويساوره وذلك بعد قتله المصري: "فَأَصْبَحَ فِي
الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ 18". فنصحه أحدُ الناصحين بالهرب من مصر لأنه
مهدد بالقتل: "فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ 21" ، وطلب من ربه أن ينجيه
من بطش الظالمين: "قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 21" . فهرب
إلى مدين وهناك اتصل برجل صالح فيها، وقص عليه القصص فطمأنه قائلا: " لا تَخَفْ
نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 25"


وهذا
الطابع ـ أعني طابع الخوف ـ يبقى ملازما للقصة إلى أواخرها، بل حتى إنه لما كلفه
ربه بالذهاب إلى فرعون راجعه وقال له: إنه خائف على نفسه من القتل: "قَالَ رَبِّ
إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ 33"، وطلب أخاه ظهيرا
له يعينه ويصدقه لأنه يخاف أن يكذبوه: "وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي
لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ
يُكَذِّبُونِ 34"


في حين
ليس الأمر كذلك في قصة النمل، فإنها ليس فيها ذكر للخوف إلا في مقام إلقاء
العصا.


فاقتضى
أن يكون التعبير مناسبا للمقام الذي ورد فيه. وإليك إيضاح
ذلك:


قال تعالى في سورة
النمل
:
" إِنِّي آنَسْتُ نَاراً "
وقال
في سورة القصص:

"آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً"


فزاد
: " مِنْ جَانِبِ الطُّورِ" وذلك لمقام التفصيل الذي بنيت عليه القصة في سورة
القصص.


قال في سورة النمل:
"إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً" وقال
في سورة
القصص:
"
قَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً"
بزيادة
"امْكُثُوا". وهذه الزيادة نظيرة ما ذكرناه آنفا، أعني مناسبة لمقام التفصيل الذي
بنيت عليه القصة بخلاف القصة في النمل المبنية على الإيجاز.


قال في النمل:
" سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ".
وقال
في القصص
: "
لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ".
فبنى الكلام في
النمل على القطع "سَآتيكُم" وفي القصص على الترجي "لعَلّي آتيكُمْ". وذلك أن مقام
الخوف في القصص لم يدعه يقطع بالأمر فإن الخائف لا يستطيع القطع بما سيفعل بخلاف
الآمن. ولما لم يذكر الخوف في سورة النمل بناه على الوثوق والقطع
بالأمر.


هذا
من ناحية، ومن ناحية أخرى إن ما ذكره في النمل هو المناسب لمقام التكريم لموسى
بخلاف ما في القصص.


ومن
ناحية ثالثة، ؟إن كل تعبير مناسبٌ لجو السورة الذي وردت فيه القصة، ذلك أن الترجي
من سمات سورة القصص، والقطع من سمات سورة النمل. فقد جاء في سورة القصص قوله تعالى:
"عَسى أن ينْفَعَنا أوْ نَتّخِذَهُ وَلَدا" وهو ترَجٍّ. وقال: ""عَسَى رَبّي أَن
يَهْدِيَني سَوَاءَ السّبيلِ" وهو ترجٍّ أيضا. وقال: " لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا
بِخَبَرٍ" وقال "لَعَلّكُم تَصْطَلونَ"، وقال: "لَعَلّي أَطّلِعُ إلى إِلَهِ
موسَى"، وقال: "لَعَلّهُمْ يَتَذكّرونَ " ثلاث مرات في الآيات 43، 46، 51، وقال:
"فَعَسَى أَنْ يَكونَ مِنَ المُفْلِحينَ"، وقال: "ولَعَلّكُم تَشكُرونَ 73"وهذا كله
ترجّ. وذلك في عشرة مواطن في حين لم يرد الترجي في سورة النمل، إلا في موطنين وهما
قوله: "لَعَلّكُمْ تَصْطَلونَ"، وقوله: "لَعَلّكُمْ
تُرْحَمونَ"


وقد
تردد القطع واليقين في سورة النمل، من ذلك قوله تعالى على لسان الهدهد: "أَحَطْتُ
بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ"النمل:22 ، وقوله
على لسان العفريت لسيدنا سليمان: "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ
مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ" النمل: 39 وقوله على لسان الذي
عنده علم من الكتاب: "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "
النمل:40


فانظر
كيف ناسب الترجي ما ورد في القصص، وناسب القطع واليقين ما ورد في
النمل.


ثم
انظر بعد ذلك قوله تعالى في القصة: "سَآتيكُمْ مِنْها بِخَبَر" ومناسبته لقوله
تعالى في آخر السورة: "الْحَمْدُ لِلّه سَيُريكُمْ آيَلتِهِ فَتَعْرِفوَها 93"
وانظر مناسبة "سَآتيكُمْ" لـ "سَيُرِيَكُمْ".


وبعد
كل ذلك، انظر كيف تم وضع كل تعبير في موطنه اللائق به.


كرّر فعل الإتيان
في النمل
،
فقال: "سَآتيكُمْ مِنها بِخَبَر أوْ آتيكُمْ بِشِهابٍ"، ولم
يكرره في القصص،
بل قال:
"لَعَلّي
آتيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أوْ جَذْوَةٍ"


فأكد
الإتيان في سورة النمل لقوة يقينه وثقته بنفسه، والتوكيد يدل على القوة، في حين لم
يكرر فعل الإتيان في القصص مناسبة لجو الخوف.


هذا من
ناحية، ومن ناحية أخرى إن فعل *الإتيان* تكرر في النمل اثنتي عشرة مرة. *انظر
الآيات: 7 مرتين، 18، 21، 28، 37، 38، 39، 40، 54، 55،
87*


وتكرر
في القصص ست مرات *انظر الآيات 29، 30، 46، 49، 71، 72* فناسب تكرار *آتيكم* في
النمل من كل وجه.


وقال في سورة
النمل:
"
أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ"
وقال
في القصص:
"
نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ
لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ"


فذكر
في سورة النمل أنه يأتيهم بشهاب قبس، والشهاب: هو شعلة من النار ساطعة. *انظر لسان
العرب *شهب* 1 / 491 ، القاموس المحيط *شهب* 1 / 91*


ومعنى
*القَبَس* شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس يقال: قبس يقبس منه نارا، أي: أخذ
منه نارا، وقبس العلمَ استفاده *انظر القاموس المحيط *قبس* 2 /
238 *


وأما
*الجذوة* فهي الجمرة أو القبسة من النار *انظر القاموس المحيط *جذا* 4 / 311* وقيل:
هي ما يبقى من الحطب بعد الالتهاب، وفي معناه ما قيل: هي عود فيه نار بلا لهب.
*انظر روح المعاني 20 / 72*


والمجيء بالشهاب
أحسن من المجيء بالجمرة، لأن الشهاب يدفئ أكثر من الجمرة لما فيه من اللهب الساطع،
كما أنه ينفع في الاستنارة أيضا. فهو أحسن من الجذوة في الاستضاءة
والدفء.


هذا
من ناحية، ومن ناحية أخرى ذكر أنه سيأتي بالشهاب مقبوساً من النار ، وليس مختَلَسا
أو محمولا منها، لأن الشهاب يكون مقبوساً وغير مقبوس *انظر البحر المحيط 7 / 55* ،
وهذا أدل على القوة وثبات الجنان، لأن معناه أنه سيذهب إلى النار، ويقبس منها شعلة
نار ساطعة.


أما
في القصص فقد ذكر أنه ربما أتى بجمرة من النار، ولم يقل إنه سيقبسها
منها.


والجذوة قد تكون
قبسا وغير قبس، ولا شك أن الحالة الأولى أكمل وأتم لما فيها من زيادة نفع الشهاب
على الجذوة، ولما فيها من الدلالة على الثبات وقوة
الجنان.


وقد
وضع كل تعبير في موطنه اللائق به، ففي موطن الخوف ذكر الجمرة ، وفي غير موطن الخوف
ذكر الشهاب والقبس.


قال في سورة
النمل:
"فَلَمّا
جاءَهَا نُودِيَ"
وقال في سورة
القصص:

"فَلَمّا أَتاها نُودِيَ"


فما
الفرق بينهما؟


قال
الراغب الأصفهاني مفرقا بين الإتيان والمجيء: الإتيان مجيءٌ بسهولة، ومنه قيل
للسيلِ المارّ على وجهه أتي" *المفردات في غريب القرآن 6*. وقال: "المجيء كالإتيان،
لكن المجيء أعم، لأن الإتيان مجيء بسهولة" *المفردات
102*


ولم
يذكر أهل المعجمات ما ذكره الراغب، وإنما هم يفسرون واحدا بالآخر، فيفسرون جاء
بأتى، وأتى بجاء، غير أنهم يذكرون في بعض تصريفات *أتى* ما يدل على السهولة،
فيقولون مثلا في تفسير الطريق الميتاء من *أتى* "طريق مسلوك يسلكه كل أحد" وذلك
لسهولته ويسره. ويقولون : "كل سيل سهلته الماء أتيّ" و "أتّوا جداولها: سهلوا طرق
المياه إليها" يقال: *أتّيت الماء* إذا أصلحت مجراه حتى يجري إلى مقارّه .. ويقال:
أتّيت للسيل، فأنا أؤتّيه إذا سهلت سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه .. وأتّيت
الماء تأتيةً وتأتياً، أي: سهلت سبيله ليخرج إلى موضع"* لسان العرب *أتى* 18 /
14*


والذي
استبان لي أن القرآن الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة، أو لما هو أصعب
وأشق مما تستعمل له *أتى* فهو يقول مثلا: "فَإذا جَاءَ أَمْرُنا وَفارَ التّنّورُ
27 " المؤمنون، وذلك لأن هذا المجيء فيه مشقة وشدة. وقال: "وجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالحَقّ 19" ق. وقال: "لَقَدْ جِئْتَ شَيْئا إمْرَا 71" الكهف. وقال:
"لقَدْ جِئْتَ شِيْئا نُكْرا 74" الكهف.


وقال:
"قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً 27" مريم. وقال: "وَقَالُوا
اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً. تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدّاً" مريم .


وقال:
"وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"
الإسراء :81.


وقال:
"فَإذا جاءَت الصّاخّة. يَوْمَ يَفِرّ المَرْءُ من أخيهِ" عبس. وقال: "فإذا جاءَت
الطّامّةُ الكُبْرَى" النازعات.


وهذا
كله مما فيه صعوبة ومشقة.


وقد
تقول: وقد قال أيضا: "هَلْ أَتاكَ حَديثُ الغَاشِيَة" والجواب: أن الذي جاء هنا هو
الحديث وليس الغاشية في حين ن الذي جاء هناك هو الطامة والصاخة ونحوهما مما
ذكر


ويتضح
الاختلاف بينهما في الآيات المتشابهة التي يختلف فيها الفعلان، وذلك نحو قوله
تعالى: "أَتَى أَمْرُ الله" النحل، وقوله: "فَإذا جاءَ أَمْرُ اللهِ" غافر، ونحو
قوله: "جاءَهُمْ نَصْرُنا" يوسف، و"أَتاهُمْ نَصْرُنا" الأنعام، ونحو قوله:
"لجاءَهُمُ العَذابُ" العنكبوت، و"وأَتاهُمُ العَذابُ" النحل، وما إلى
ذلك.


فإنه
يتضح الفرق في اختيار أحدهما على الآخر، وإليك إيضاح ذلك: قال تعالى: "أَتَى أَمْرُ
اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ 1"النحل.
وقال: "فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ
الْمُبْطِلُونَ 78" غافر. فقد قال في النحل: "أَتَى أَمْرُ اللهِ"، وقال في غافر:
"جاءَ أَمْرُ اللهِ"، وبأدنى نظر يتضح الفرق بين التعبيرين، فإن المجيء الثاني أشق
وأصعب لما فيه من قضاء وخسران، في حين لم يزد في الآية الأولى على الإتيان. فاختار
لما هو أصعب وأشق *جاء* ولما هو أيسر *أتى*.


ونحو
ذلك قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ
كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ
الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ110" يوسف


وقوله:
"وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا
وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ
جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ34" الأنعام


فقال
في آية يوسف "جاءَهُمْ نَصْرُنا" وفي آية الأنعام: "أتاهُمْ نَصْرُنا" ومن الواضح
أن الحالة الأولى أشق وأصعب، وذلك أن الرسل بلغوا درجة الاستيئاس وهي أبعد وأبلغ،
وذهب به الظن إلى أنهم كُذبوا، أي: أن الله سبحانه وتعالى كذبهم ولم يصدقهم فيما
وعدهم به، وهذا أبلغ درجات اليأس وأبعدها، وعند ذاك جاءهم نصره سبحانه فنجّي من شاء
وعوقب المجرمون.


في يحن
ذكر في الآية الأخرى أنهم كُذّبوا، أي: كذّبهم الكافرون، وأوذوا فصبروا. وفرق بعيد
بين الحالتين، فلقد يُكذّب الرسل وأتباعهم ويُؤذَون، ولكن الوصول إلى درجة اليأس
والظن بالله الظنون البعيدة أمرٌ كبير.


ثم
انظر إلى خاتمة الآيتين تر الفرق واضحا، فما ذكره من نجاة المؤمنين ونزول اليأس على
الكافرين في آية يوسف مما لا تجده في آ]ة الأنعام يدلك على الفرق
بينهما.


ومن
ذلك قوله تعالى: "كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ
حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ . فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" الزمر:25 ـ
26


وقوله:
"قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ
الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ
مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ
أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ.
النحل 26 ـ27


فقال
في الآيتين: "وأتاهُمُ العَذابُ" في حين قال: "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ
وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمّىً لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً
وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ. يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ
وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"
العنكبوت:53 ـ 54 ـ55


فقال:
"فَجاءَهُمُ العَذابُ" وذلك أن الآيتين الأوليين في عذاب الدنيا بدليل قوله في آية
النحل: "ثُمّ يَوْمَ القِيامَةِ يُخزيهِم.." وقوله في آية الزمر: " فَأَذَاقَهُمُ
اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ
كَانُوا يَعْلَمُونَ" في حين أن آية العنكبوت في عذاب الآخرة، وحتى لو كانت في عذاب
الدنيا فإن ما ذُكر فيها من العذاب أشق وأشد مما في الآيتين الأخريين بدليل قوله:
"وإنَّ جَهَنّم لَمُحيطَةٌ بالكافِرينَ" وقوله: "يَوْمَ يَغشاهُمُ العَذابُ مِنْ
فَوْقِهِم ومِنْ تَحْتِ أرْجُلِهم.." فجاء لما هو أشق وأشد بالفعل *جاء* ولما هو
أيسر بـ *أتى*.


وقد
تقول: ولكنه قال: "ولَيَأتِيَنّهُم بَغْتةً" فاستعمل مضارع
*أتى*.


والجواب: أن
القرآن لم يستعمل مضارعا للفعل *جاء* .. ولذلك كل ما كان من هذا المعنى مضارعا،
استعمل له مضارع *أتى* فلا يدخل المضارع في الموازنة، وسيأتي بيان
ذلك.


ومن
ذلك قوله تعالى: "أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ
وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ
أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"
التوبة: 70 ـ 71


فقال:
" أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ" وهو الموطن الوحيد الذي جاء فيه نحو هذا
التعبير في القرآن الكريم في حين قال في المواطن الأخرى كلها: "جَاءَتْهُمْ
رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ"


ولو
نظرت في هذه التعبيرات، ودققت فيها لوجدت أن كل التعبيرات التي جاءت بالفعل *جاء*
أشق وأصعب مما جاء بـ *أتى*، وإليك بيان ذلك.


قال
تعالى: " تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا
كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ.
وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ
لَفَاسِقِينَ. ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآياتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ
وَمَلئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ"
الأعراف:101 ـ 102 ـ 103


فانظر
كيف قال في آية التوبة: "أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ
اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ." ولم يذكر أنهم
كفروا أو عوقبوا، في حين قال في آيات الأعراف: "فَما كانُ,ا لِيؤْمِنوا بِمَا
كذّبُوا مِن ْ قَبْل" فذكر عدم إيمانهم، وأنهم طُبع على قلوبهم: " كَذَلِكَ
يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ"، وذكر أنه وجد أكثرهم فاسقين، وأنه
لم يجد لأكثرهم عهدا، وذكر بعد ذلك ظلم فرعون وقومه لموسى وتكذيبهم بآيات الله
وعاقبتهم.


فانظر
موقف الأمم من الرسل في الحالتين وانظر استعمال كل من الفعلين جاء وأتى، يتبين لك
الفرق واضحا بينهما.


ومنه
قوله تعالى: " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا
وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ
نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ 13" يونس


فقال:
"وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالبَيّنات" وذلك أنه ذكر إهلاك القرون لظلمهم وذكر
تكذيبهم وعدم إيمانهم وذكر جزاء المجرمين.


وقال:
"أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ
رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا
إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا
تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ 9" إبراهيم ، إلى أن يقول: "وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى
مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ. وَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ
لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ
الظَّالِمِينَ. "إبراهيم : 12 ـ 13


ويمضي
في وصف عذاب الكفرة عذابا غليظا: "مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ
صَدِيدٍ. يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ
مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ" إبراهيم:
17


فقال
أيضا: "وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهمْ بالبينات"، وأنا في غنى عن أبين موقف الأمم من
رسلهم، وكفرهم بما أرسلوا به، وتهديدهم لهم بإخراجهم من الأرض، وعن ذكر عذاب
الكافرين في الدنيا بإهلاكهم وفي الآخرة بما وصفه أفظع
الوصف.


فانظر
إتيانه بالفعل *جاء* وقارنه بالفعل *أتى* في آية التوبة يتضح الفرق بين استعمال
الفعلين.


ومن
ذلك قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا
الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ9 ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا
بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ" الروم:10


فذكر
عاقبة الذين أساؤوا، وأنها السوأى تأنيث الأسوأ، أي: أسوأ الحالات على الإطلاق،
وذكر تكذيب الأمم لرسلهم واستهزاءهم بهم، في حين لم يصرح في آية التوبة بتكذيب ولا
استهزاء، ولم يذكر لهم عاقبة ما.


ومن
ذلك قوله تعالى: "وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ25
ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ 26" فاطر


فذكر
تكذيب الأمم السابقة لرسلهم بعد أن جاؤوهم بكل ما يدعو إلى الإيمان من البينات
والزبر والكتاب المنير، وذكر أخذَه لهم وعلّق على ذلك بقوله: "فَكَيْفَ كان نَكيرِ"


ومن
ذلك قوله تعالى: " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً
وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ
وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ. فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا
قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ.
فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ
الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ"غافر:82 إلى
85


فقال:
"جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيّناتِ" ثم ذكر أن أممهم استهزؤوا برسلهم وبقوا على
شركهم حتى رأوا بأس الله ينزل بهم. فلم ينفعهم إيمانهم بعد فوات
الأوان.


قارن
هذه الآيات التي وردت بالفعل *جاء* بالآية التي وردت بالفعل *أتى* وهي آية التوبة،
يتبين الفرق بين استعمال الفعلين: جاء وأتى.


وقد
تقول: ولكن ورد في القرآن *أتتكم الساعة* و *جاءتهم الساعة* والساعة واحدة فما
الفرق؟


وأقول
ابتداء أنه لا يصح اقتطاع جزء من الآية للاستدلال، بل ينبغي النظرُ في الآية كلها
وفي السياق أيضا ليصحّ الاستدلالُ والحكم.


وإليك
الآيتين اللتين فيهما ذِكرُ الساعة:


قال
تعالى: " قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا
جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا
فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا
يَزِرُونَ 31" الأنعام


وقال:
"قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ
أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 40 بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ 41"
الأنعام


فقال
في الآية الأولى: "جاءَتْهُم السّاعَةُ" وقال في الثانية: "أَتَتْكُم
السّاعَةُ"


وبأدنى
تأمل يتضح الفرق بين المقامين. فإن الأولى في الآخرة وفي الذين كذبوا باليوم الآخر،
وهم نادمون متحسرون على ما فرطوا في الدنيا، وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم. وتوضحه
الآية قبلها وهي قوله تعالى: " وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ
أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ
بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ30 قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا.. "الأنعام ، في
حين أن الثانية في الدنيا بدليل قوله: "أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ" وقوله: "بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ
إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ " فذكر أنه يكشف ما يدعون إليه إن شاء،
وهذا في الدنيا، وإلا فإن الله لا يكشف عن المشركين شيئا في الآخرة ولا يستجيب لهم
البتة.


فالموقف الأول أشق
وأشد مما في الثانية، فجاء بالفعل *جاء* دون *أتى* بخلاف الآية
الثانية.


فاتضح
أن القرآن إنما يستعمل *جاء* لما هو أصعب وأشق. ويستعمل *أتى* لما هو أخف
وأيسر.


ولعل
من أسباب ذلك أن الفعل *جاء* أثقل من *أتى* في اللفظ بدليل أنه لم يرد في القرآن
فعل مضارع لـ *جاء* ولا أمر ولا اسم فاعل ولا اسم مفعول، ولم يرد إلا الماضي وحده
بخلاف *أتى* الذي وردت كل تصريفاته، فقد ورد منه الماضي والمضارع والأمر واسم
الفاعل واسم المفعول. فناسب بين ثقل اللفظ وثقل الموقف في *جاء*، وخفة اللفظ وخفة
الموقف في *أتى* والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sllam.yoo7.com
 
لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لمسات بيانية في آية الكرسي
» لمسات بيانية في الإسراء والمعراج
» لمسات بيانية في سورة الفاتحة
» لمسات بيانية في سورة الفاتحة
»  لمسات بيانية في سورة الفاتحة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فرسان الحقيقه :: 
فرسان الحقيقه الاسلامى
 :: 
منتدى القراءن الكريم وعلومه
-
انتقل الى:  
اقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى فرسان الحقيقه} ®

حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012

فرسان الحقيقه للتعارف والاهداءات والمناسبات ْ @ منتدى فرسان الحقيقه للشريعه

والحياه @ منتدى الفقة العام @ فرسان الحقيقه للعقيدة والتوحيد @ منتدى القراءن الكريم وعلومه ْ @ فرسان الحقيقه للحديث والسيرة .. ْ @ الخيمة الرمضانيه @ مناظرات وشبه @ الفرسان للاخبار العالميه والمحليه @ المنتدى الاسلامى العام @ فرسان الحقيقه للمواضيع العامهْ @ خزانة الكتب @ منتدى الخطب المنبريه ْ @ المكتبه العامة للسمعياتً ٍ @ منتدى التصوف العام @ الطريقه البيوميهْ @ مكتبة التصوفْ ْ @ الطرق الصوفية واورادهاْ @  ُ الطريقة النقشبنديهً @ منتدى اعلام التصوف والذهد @ منتدى ال البيت ومناقبهم ٍ @ منتدى انساب الاشراف َ @ منتدى الصحابة وامهات المؤمنين @ منتدى المرأه المسلمه العام @ كل ما يتعلق بحواء @ منتدى ست البيتْ ْ @ ركن التسلية والقصص ْ @ منتدى الطفل المسلمِ @ منتدى القلم الذهبى @استراحة المنتدى @  رابطة محبى النادى الاهلىٍ ِِ @ منتدى الحكمة والروحانيات @ رياضة عالمية @ منتدى الاندية المصرية @ منتدى الطب العام @ منتدى طبيبك الخاص @ منتدى الطب البديل @ منتدى النصائح الطبية @ منتدى الطب النبوى @ المنتدى الريفى @ فرسان الحقيقه للبرامج @ تطوير المواقع والمنتديات @ التصاميم والابداع @ الشكاوى والاقتراحات @ سلة المهملات @

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      




قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى فرسان الحقيقه على موقع حفض الصفحات
متطلبات منتداك


Add to netvibes

لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Feedly

لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Subtome-feedburner

لمسات بيانية في سورتي النمل والقصص Bittychicklet_91x17

Powered by FeedBurner

I heart FeedBurner



الاثنين 28 من فبراير 2011 , الساعة الان 12:03:56 صباحاً.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تحزير هام

لا يتحمّل الموقع أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في منتدى فرسان الحقيقة
ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.

ادعم المنتدى
My Great Web page
حفظ البيانات؟